الرئيسيةكتاب الموقعمقالات

 أحمد عبد الكريم يكتب”إشراقة الصباح”… محلاها عيشة الفلاح

 

 

عندما اسمع اغنية موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب ” محلاها عيشة الفلاح ” التي غناها في اوائل الاربعينيات من القرن الماضي حيث كان الفلاح يعيش علي زراعة أرضه ويقوم بتربية الماشية في الحظيرة المخصصة ببيته الجميل المقام بالطوب اللبن والمكون من ” مضيفة ” لإستقبال الضيوف وحجرات للنوم وحجرة مخصصة للخبيز وتسمي الحجرة بالقاعة بها فرن كبير بمصطبة يفرش عليها الحصير .. ويا حلاوة وجمال النون عليها، بعد الخبيز في ليلة شتاء باردة .. وكانت ست البيت تقوم بتربية الطيور علي سطح المنزل .. وكان يوم الفلاح يبدأ عندما يستيقظ قبل، الفجر، ويذهب للمسجد لأداء الصلاة ثم يعود لتناول طعام الإفطار من خيرات البيت حيث العيش المخبوز من الذرة والقمح والجبن القريش والقشطة والبيض والعسل النحل الأصلي مع زوجته وأولاده .. ويشرب كوبا من الشاي ثم يأخذ المواشي ويركب حماره ذاهبا الي حقله .. ويظل يعمل حتي الظهيرة ليجد زوجته حاملة له طعام الغداء ثم تنصرف الي بيتها لإستكمال يومها لتربية الطيور ونظافة البيت واعداد طعام العشاء.. واذا كان لديها من أعمال الغسيل وخلافه الي ان يأتي اولادها من المدارس وحتي يعود زوجها من الحقل اخر النهار .. ويحرصون علي تناول طعام العشاء معا ملتفين حول الطبلية ثم يذهب الزوج الي، المسجد لأداء صلاة العشاء ثم العودة الي البيت ليتسامر مع زوجته وأولاده وينامون مبكرا.

هكذا كان حال كل القري.. مساحات شاسعة من الاراضي الخضراء.. همة ونشاط وعمل دءوب ونشاط وهمة لربة البيت التي لا تحتاج إلى شراء الخضروات والبقول والارز والخبز واللحوم الداجنة فقل شيء متوفر في البيت ومن الحقل والخيرات من الزبدة والجبنة والألبان .. ولا، يشترون إلا احتياجاتهم البسيطة من السوق..
ويأتي اولادهم من المدرسة إلي كتاب القرية لحفظ القرآن الكريم والعودة للبيت للمذاكرة.. لا توجد دروس خصوصية ولا يحزنون .. وتجد ان معظم الاوائل في الشهادات المختلفة من أبناء القري .
كانت الحياه بسيطة وكان الناس يحبون الخير لبعضهم البعض لا يوجد ما يلهيهم عن عملهم او الانتباه لاولادهم..
هذه، الصورة الجميلة التي جعلت موسيقار الاجيال،يغني ” محلاها عيشة الفلاح ” .

وبعد عشرات السنين، تغيرت هذه الصورة الجميلة وإلتهمت المباني جزء كبير من الاراضي الزراعية .. وهجر معظم المزارعين ارضهم وسافروا إلي دول الخليج والعراق وتتحول مباني هؤلاء في قراهم إلي كتل اسمنتية واختفت منها حظائر،الماشية وتربية للطيور، وحجرة الخبيز واعتمدوا علي شراء الخبز من المخابز والطيور من المزراع والخضروات والبقول من الاسواق.. ودخل التليفزيون والدش والقنوات الفضائية والتليفون المحمول والنت إلي بيوت المزارعين .. واختفي كتاب القرية من معظم قري مصر..

وأصبح الفلاح يشكو من إرتفاع أسعار الكيماوي والسولار والاسمدة وأجور الايد، العاملة .. كما يشكوا من ارتفاع أسعار السلع الغذائية واللحوم الحمراء والداجنة والدروس الخصوصية وغلاء المعيشة بصفة عامة التي يعاني منها معظم المصريين .

وراحت علينا محلاها عيشة الفلاح.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى