مواهب بلدنا

” هدى محمود ” موهبة فى كتابة المقال

صراع فى المنتصف
صراعٌ منذ البداية، صراعٌ منذ أنْ اكتملتْ أجسادُنا؛ إنَّهُ الصراعُ الذي يُتعِبُ الروحَ ويرهقُها ويجعلُ النفسَ تقومُ بأشياء لم تَطُفْ بذهنِها، وتتفوه بكلماتٍ لم تَدُرْ في خاطرِها.
عقولُنا وقلوبُنا يَتَـنَصَّفُهُم هذا الصراعُ الدائمُ المُبيدُ، ربَّما لا يعني هذا الصراعُ شيئًا، ورُبَّما هو كلُّ شيءٍ، هذا الصراعُ لا يعني شيئًا لمَنْ غَابَتْ شمسُهم وتوقفت قلوبُهم عن النَّبْضِ وتوقفت أجسادهم عن الحراك؛ لذلك فهو كل شيء؛ إنه بداية الأحداث ونهايتها.
عقولُنا قائدةٌ تقودُ قطيعَ الرُّدُودِ، تسوقُ قطارات المنطقِ، تعيشُ في رأسٍ مُمِلٍّ تُرغِمُنا على القيامِ بأشياء مملةٍ، تتغذَّى على بقايا القلوبِ المحروقةِ، تُقْتَلُ ألفَ مرَّةٍ خلفَ جدارِ النِّفَاقِ الذي يوهِـمُــكَ بأنَّ كلَّ شيءٍ على ما يُرام، وبرغمِ مِنْ أنَّها مُستبدَّةٌ إلا إنَّها ذكيةٌ في ذاتِ الوقتِ.
قلوبُنا يملؤُها الشغفُ إنْ راقَت لها الأمورُ، والتقَت بالقلوبِ التي تُطعِمُها حلوى الحب، ولكنْ يملؤُها الخوفُ، وتُلازِمُها الجروحُ السرطانيةُ القاتلةُ إنْ وَقَعَتْ هذه الحلوى في مكانٍ بعيدٍ أو في يدِ شخص آخر، لا تُدركُ القلوبُ أيَّ شيءٍ .. إنَّهَا حمقاء للغاية تسيرُ وراءَ رغباتِها، ولكنَّها لا تستطيعُ الوصولَ إليها؛ فكلما حاولَت؛ فإنَّها تجدُ جيوشَ العقولِ تقفُ أمامَها كالسدِّ حاملةً أسلحةً تخترقُ أيَّ شيءٍ فتجعله كالثلجِ باردًا لا يأبَهُ لشيءٍ.
هذه القلوبُ رغمَ حماقَتِها هي قويةٌ تتحمَّلُ كثيرًا، وأحيانًا تتمرَّدُ على العقولِ، وتقومُ بما يحلو لها؛ ولكنَّها تخسرُ في النهاية، وتظهر قوَّتها عندما تتحملُ نتائجَ عصيانِها للعقولِ، يالها من حمقاء!
هل اتفقا يوما؟! هل سيتفقان يومًا؟! لا أعتقدُ؛ فهذا الصراعُ سيظل إلى الأبدِ، والنهايةُ لنْ تكونَ دائمًا سيئةً، ولنْ تكونَ دائمًا نهاية؛ فقد تكون بدايةً لأمرٍ لا نعرفُ عنه شيئًا، كل شيء رُبَّما يحدث، وربما لا.
حياتُنا ورقةٌ ملطَّخَةٌ بالحِبْرِ، ويَنْفَدُ هذا الحِبرُ قبلَ أنْ تُكْتَبَ الأشياءُ التي ليسَ مُقَدَّرًا لها أنْ تَحْدُثَ في يومٍ منَ الأيَّامِ.

مباشر القليوبية

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى